فصل: فصل في مقصود سورة النساء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة النساء:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة:

.فصل في تسمية السورة:

قال في صفوة التفاسير:
سميت سورة النساء لكثرة ما ورد فيها من الأحكام التي تتعلق بهن، بدرجة لم توجد في غيرها من السور، ولذلك أطلق عليها سورة النساء الكبرى في مقابلة سورة النساء الصغرى التي عرفت في القرآن بسورة الطلاق {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن...} الآية. اهـ.

.فصل في فضل سورة النساء:

قال السيوطي:
أخرج ابن الضريس في فضائله والنحاس في ناسخه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس قال: نزلت سورة النساء بالمدينة.
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال: نزل بالمدينة النساء.
وأخرج البخاري عن عائشة قالت: ما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده.
وأخرج أحمد وابن الضريس في فضائل القرآن ومحمد بن نصر في الصلاة والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أخذ السبع فهو حبر».
وأخرج البيهقي في الشعب عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطيت مكان التوراة السبع الطول» والمئين كل سورة بلغت مائة فصاعدا. والمثاني كل سورة دون المئين؟ وفوق المفصل.
وأخرج أبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أنس قال: وجد رسول الله ذات ليلة شيئا فلما أصبح قيل: يا رسول الله إن أثر الوجع عليك لبين: قال: «أما إني على ما ترون بحمد الله قد قرأت السبع الطوال».
وأخرج أحمد عن حذيفة قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ السبع الطوال في سبع ركعات.
وأخرج عبد الرزاق عن بعض أهل النبي صلى الله عليه وسلم أنه بات معه فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل فقضى حاجته ثم جاء القربة فاستكب ماء فغسل كفيه ثلاثا ثم توضأ وقرأ بالطوال السبع في ركعة واحدة.
وأخرج الحاكم عن أبي مليكة سمع ابن عباس يقول: سلوني عن سورة النساء فإني قرأت القرآن وأنا صغير.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس قال: من قرأ سورة النساء فعلم ما يحجب مما لا يحجب علم الفرائض، والله أعلم. اهـ.

.فصل في مقصود سورة النساء:

.قال البقاعي:

مقصودها الاجتماع على التوحيد الذي هدت إليه آل عمران، والكتاب الذي حدت عليه البقرة لأجل الدين الذي جمعته الفاتحة تحذيرا مما أراده شأس بن قيس وأنظاره من الفرقة، وذه السورة من أواخر ما نزل، روى البخاري في فضائل القرآن عن يوسف بن ماهك أن عراقيا سأل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن تريه مصحفها، فقالت: لم؟ قال لعلي: أؤلف القرآن عليه، فإنه يقرأ غير مؤلف، قالت: وما يضرك أيه قرأت قبل، إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل احلال والحرام، ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل لا تزنوا لقالوا: لا تدع الزنى أبدا، لقد نزل بمكة على محمد وإني لجارية ألعب {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر} [القمر: 46] وما نزلت سورة البقرة والنساء إلأا وأنا عنده، قال: فأخرجت له المصحف فأملت عليه آي السورة انتهي. وقد عنت بهذا رضي الله عنعا أن القرآن حاز أعلى البلاغة في إنزاله مطابقا لما تقتضيه الأحوال بحسب الأزمان، ثم رتب على أعلى وجوه البلاغة بحسب ما تقتضيه المفاهيم من المقال، كما تشاهده من هذا الكتاب البديع البعيد المنال. اهـ.

.قال الفيروزابادي:

بصيرة في {يا أيها الناس اتقوا ربكم}:
هذه السّورة مدنيّة بإِجماع القُرّاءِ.
وعدد آياتها مائة وخمس وسبعون، في عدّ الكوفىّ، وستّ في عدِّ البصرىّ، وسبع في عدّ الشَّامىّ.
وكلماتها ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمس وأَربعون.
وحروفها ستَّة عشر أَلفًا وثلاثون حرفا.
والآيات المختلف فيها {أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ}، {عَذَابًا أَلِيْمًا}.
مجموع فواصل الآيات (م ل ا ن) يجمعها قولك (مِلْنَا) فعلى الَّلام آية واحدة (السّبيل) وعلى النُّون آية واحدة (مهين) وخمس آيات منها على الميم المضمومة، وسائر الآيات على الأَلف.
واسم السّورة سورة النِّساءِ الكبرى، واسم سورة الطَّلاق سورةُ النِّساءِ الصّغرى.
وأَمَّا ما اشتملت عليه السّورة مجملًا فبيان خِلْقة آدم وحوَّاءَ، والأَمر بصلة الرّحم، والنَّهى عن أَكل مال اليتيم، وما يترتَّب عليه من عظم الإِثم، والعذاب لآكليه، وبيان المناكحات، وعدد النساءِ، وحكم الصَّداق، وحفظ المال من السّفهاءِ، وتَجربة اليتيم قبل دفع المال إِليه، والرِّفْق بالأَقارب وقت قسمة الميراث، وحكم ميراث أَصحاب الفرائض، وذكر ذوات المحارم، وبيان طَوْل الحُرَّةِ، وجواز التَّزَوُّج بالأَمَة، والاجتناب عن الكبائر، وفضل الرّجال على النِّساءِ، وبيان الحقوق، وحكم السّكران وقت الصلاة، وآية التيُّمم، وذمّ اليهود، وتحريفهم التوراة، وردّ الأَمانات إِلى أَهلها، وصفة المنافقين في امتناعهم عن قبول أَوامر القرآن، والأَمر بالقتال، ووجوب رَدِّ السّلام، والنَّهى عن موالاة المشركين، وتفصيل قَتْل العمد والخطأ، وفضل الهجرةِ، ووزْر المتأَخِّرين عنها، والإِشارة إِلى صلاة الخوف حال القتال، والنَّهى عن حماية الخائنين، وإِيقاعُ الصّلح بين الأَزواج والزَّوجات، وإِقامة الشهادات، ومدح العدل، وذمّ المنافقين، وذمّ اليهود، وذكر قَصْدهم قتل عيسى عليه السّلام، وفضل الرّاسخين في العلم، وإِظهار فساد اعتقاد النَّصارى، وافتخار الملائكة والمسيح بمقام العبوديَّة، وذكر ميراث الكلالة، والإِشارة إِلى أَنَّ الغرض من بيان الأَحكام صيانةُ الخَلْق من الضَّلالة، في قوله: {يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوْا} أي كراهة أَن تضلُّوا.
وأَمّا النَّاسخ والمنسوخ في هذه السّورة ففى أَربع وعشرين آية {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} م {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ} {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ} الآية {فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا} {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} م {قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ} {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ} م (الثَّيِّب بالثيب) ن {وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ} م {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُواْ} ن {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ} بعض الآية م {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ} ن والآيتان مفسّرتان بالعموم والخصوص {لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاءَ كَرْهًا} م والاستثناء في قوله: {إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفْ} ن وقيل الآية مُحكمة {وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} م والاستثناء في قوله: {إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ} ن {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِّنَ النِّسَاءِ} م والاستثناء في قوله: {إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ} ن وقيل الآية محكمة {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} م والاستثناء منه ن فيما مضى {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ} م {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} وقول النبي صلَّى الله عليه وسلم: «أَلا وإِنى حَرَّمت المُتْعَة» ن {لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} م {لَّيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ} ن أَراد مؤاكلتهم {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} م {وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} ن {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ} م آية السّيف ن {وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُوْلُ} م {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِر لَهُمْ} ن {خُذُوْا حِذْرَكُمْ} م {لِيَنْفِرُوْا كآفَّة} ن {فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} م آية السّيف ن {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ} م {فَاقْتُلُوْا الْمُشْرِكِينَ} ن {فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ} م {بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ} ن {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا} م {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} ن وقوله: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ} إِلى قوله: {وَمَنْ تَابَ} ن {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} م {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ} ن {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} وقوله: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ} م آية السّيف ن. اهـ.

.فصل في التعريف بسورة النساء:

.قال محمد الطاهر بن عاشور:

سورة النساء:
سميت هذه السورة في كلام السلف سورة النساء؛ ففي صحيح البخاري عن عائشة قالت ما نزلت سورة البقرة وسورة النساء إلا وأنا عنده.
وكذلك سميت في المصاحف وفي كتب السنة وكتب التفسير، ولا يعرف لها اسم آخر، لكن يؤخذ مما روي في صحيح البخاري عن ابن مسعود من قوله لنزلت سورة النساء القصرى يعني سورة الطلاق أنها شاركت هذه السورة في التسمية الطولى، ولم أقف عيه صريحا.
ووقع كتاب بصائر ذوي خبرة التمييز للفيروزابادي أن هذه السورة تسمى سورة النساء الكبرى، واسم سورة الطلاق سورة النساء الصغرى.
ولم أره لغيره.
ووجه تسميتها بإضافة إلى النساء أنها افتتحت بأحكام صلة الرحم، ثم بأحكام تخص النساء، وأن بها أحكاما كثيرة من أحكام النساء: الأزواج، والبنات، وختمت بأحكام تخص النساء.
وكان ابتداء نزولها بالمدينة، لما صح عن عائشة أنها قالت: ما نزلت سورة البقرة وسورة النساء إلا وأنا عنده.
وقد علم أن النبي صلى الله عليه وسلم بنى بعائشة في المدينة في شوال، لثمان أشهر خلت من الهجرة، واتفق العلماء على أن سورة النساء نزلت بعد البقرة، فتعين أن يكون نزولها متأخرا عن الهجرة بمدة طويلة.
والجمهور قالوا: نزلت بعد آل عمران، ومعلوم أن آل عمران نزلت في خلال ثلاث أي بعد أحد، فيتعين أن تكون سورة النساء نزلت بعدها.
وعن ابن عباس: أن أول ما نزل بالمدينة سورة البقرة، ثم الأنفال ثم آل عمران، ثم سورة الأحزاب، ثم الممتحنة، ثم النساء، فإذا كان كذلك تكون سورة النساء نازلة بعد الأحزاب التي هي في أواخر سنة أربع أو أول سنة خمس من الهجرة، وبعد صلح الحديبية الذي هو في سنة ست حيث تضمنت سورة الممتحنة شرط إرجاع من يأتي المشركين هاربا إلى المسلمين عدا النساء، وهي آية {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] الآية.
وقد قيل: إن آية {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 2] نزلت في رجل من غطفان له ابن أخ له يتيم، وغطفان أسلموا بعد وقعة الأحزاب، إذ هم من جملة الأحزاب، أي بعد سنة خمس.
ومن العلماء من قال: نزلت سورة النساء عند الهجرة.
وهو بعيد.
وأغرب منه من قال: إنها نزلت بمكة لأنها افتتحت بيا أيها الناس، وما كان يا أيها الناس فهو مكي، ولعله يعني أنها نزلت بمكة أيام الفتح لا قبل الهجرة لأنهم يطلقون المكي بإطلاقين.
وقال بعضهم: نزل صدرها بمكة وسائرها بالمدينة.
والحق أن الخطاب بيا أيها الناس لا يدل إلا على إرادة دخول أهل مكة في الخطاب، ولا يلزم أن يكون ذلك بمكة، ولا قبل الهجرة، فإن كثيرا مما فيه يا أيها الناس مدني بالاتفاق.
ولا شك في أنها نزلت بعد آل عمران لأن في سورة النساء من تفاصيل الأحكام ما شأنه أن يكون بعد استقرار المسلمين بالمدينة، وانتظام أحواله وأمنهم من أعدائهم.
وفيها آية التيمم، والتيمم شرع يوم غزوة المريسيع سنة خمس، وقيل: سنة ست.